مدخل :
ليست التنمية هدفاً في حد ذاتها وانما هي أسلوب أو طريقة لتحقيق أهداف تحددها احتياجات المجتمع وبالرغم من أنه قد يصعب على المرء تحديد أو تعيين اهداف بذاتها على اعتبار كونها الاهداف المنشودة للتنمية فإنه يمكن القول بصفة عامة بأن الهدف الذي تسعى إلى تحقيقه خطط التنمية في المقام الأول محاولة رفع مستوى المعيشة الامثل لعناصر الانتاج بسرعة أكبر من سرعة الزيادة السكانية (١).
اولاً تعريف التنمية :
يعتبر مفهوم التنمية حديثاً في ظهوره لأنه استعمل في بداية الخمسينات وكان له معنى جزئياً وكان يستعمل ( التنمية الريفية مما يعنى الاهتمام بمشاكل الريف واللحاق بالحضر وبالذات في الدول غير الأوربية الصناعية.
ولكن في السنوات الاخيرة صارت كلمة تنمية تعنى المجتمع ككل في دولة ما. وهذا المفهوم ارتبط بمصطلحات أخرى يمكن أن تكون جزء من عملية التنمية وليس مرادفاً لها مثل التحديث Industrielisation أو التصنيع Westerniration او التغريب Moderisation
ولكن كل هذه المصطلحات تكاد تصب في النهاية في مجرى واحد فهى تعنى نقل المجتمعات التقليدية الى مستوى معين بجعلها قادرة على التوجيه نحو تحقيق النموذج الغربي في بلادها ويشمل ذلك الشكل الاقتصادي اي التصنيع وعلاقات انتاج رأسمالية وقيم ومنافسة الربح والشكل السياسي اى نظام الحكم الأوربي الغربي برلمانيات ودساتير وفصل السلطات وإدارة تعتبر تقليداً لما هو موجود ويمكن أن تعرف التنمية على انها ( بناء الانسان في مجتمع معين. بتحريره من الخوف والحاجة) (۲)
والتنمية تحسين الحياة المعيشية للافراد ليكونوا في مستوى أفضل بمعنى تنمية المجتمع في عمليات متكاملة من البرامج والخطط بغرض تحقيق أهداف منشودة للنهوض بالمجتمع وتحسين معيشته ويتوقف ذلك على مدى مساهمة الجهود المبذولة من أفراد المجتمع انفسهم من ناحية ومدى رغبتهم وتصميمهم تجاه تحسين قيمهم واتجاهاتهم الاجتماعية والثقافية من ناحية أخرى (1)
وهناك اختلاف جوهري بين مصطلحى النمو والتنمية وذلك أن النمو Growth يشير إلى عملية الزيادة الثابتة أو المستمرة التي تحدث في جانب معين من جوانب الحياة في حين أن التنمية Development تعبر عن تحقيق زيادة سريعة تراكمية ودائمة عبر فترة من الزمن (۲)
وتعرف الامم المتحدة التنمية بانها تنمية المجتمع وتعزيز الجهود الأهلية في المجتمع المحلي. وربط هذه الجهود بالنشاط الحكومي وذلك بغرض تحسين الحالة الاقتصادية والاجتماعية والحضارية لهذا المجتمع مع مراعاة ان تكون خطة الاصلاح بهذا المجتمع المحلي على درجة ملحوظة من الانسجام مع خطة الإصلاح في الدولة (۳).
و مشروعات تنمية المجتمع المحلى ، هي اللبنات التي تبنى بها التنمية ولقد كان التركيز في الماضي على مشروعات الصناعات الثقيلة وتحديث المدن الكبرى على حساب الطبقات الفقيرة الكادحة وسكان المناطق العشوائية والريف وادى هذا التركيز بخاصة في المشروعات كثيفة رأس المال وقليلة الكثافة في العمالة إلى زيادة معدلات البطالة وارتفاع تكاليف الحياة (٤).
والتنمية تعنى زيادة سريعة في انتاج المجتمع نتيجة لميكنة الزراعة وأن قلة الانتاج هوا نتيجة لاستعمال الادوات البدائية في الزراعة وعدم وجود أو نقص السماد والافتقار إلى الآلات مع وجود نسبة عالية للاستهلاك ولكن هناك عدة متطلبات للتنمية يجب أخذها في الحسيان وهي التربية ومحو الأمية والتدريب والتعليم وتحسين الصحة ووجود التسهيلات المعيشية وتعد كل هذه المتطلبات التي ذكرت أساسية في تمكين أى دولة من استخدام مواردها البشرية استخداماً کاملا
العدل الاقصات الدين المشعل
وركز الفكر التنموي في مراحله الأولى على التنمية الاقتصادية باعتبار أن زيادة الدخل هي الكفيلة بتحقيق جوانب التنمية الأخرى الا ان تجارب التنمية في شعوب العالم المختلفة دلت على ان المدخل الاقتصادي ليس هو المدخل الصحيح للتنمية فالتنمية الاقتصادية لا يمكن ان تحدث الا اذا توافرت لها الأبدى العاملة القادرة المدربة والتي تمتلك الى جانب الصحة القدرة على اكتساب المعرفة واستخدامها لادارة العجلة الاقتصادية بنجاح ثم ان كفاءة الانتاج لابد أن تصاحبها عدالة في التوزيع تضمن للقوى العاملة القدر المناسب من الدخل للحصول على المنتجات حتى تدور عملية الانتاج الذي يتوقف على التوزيع ومن هذا يتبلور المدخل الثاني للتنمية وهو المدخل الاجتماعي الذي يعنى بصحة الانسان وتعليمه وتدريبه وتوفير أكبر قدر يمكن اتاحته له من عدالة توزيع الدخل (۲)
ويختلف اصطلاح التنمية Development عن التقدم Growth في الفكر والتطبيق الاقتصادي فبينما ينحصر النمو والتقدم أساساً في الزيادة الكمية والحقيقية في الدخل القومي او الدخل الفردى ويستخدم اصطلاح التنمية الاقتصادية والاجتماعية للدولة على مفهوم اشمل يتضمن الزيادة الكمية في الدخل والتغيرات الهيكلية في البنيان الاقتصادي والسياسي والاجتماعي وعن تقدير مستوى التنمية الذي حققته الدول العربية يحسن أن تستخدم اصطلاح التنمية خاصة وأن الهدف الرئيسي للامة العربية هو احداث تغيرات هيكلية في البنيان الاجتماعي والسياسي والاقتصادي (۳)
والنمو غالباً ما يحدث عن طريق التطور البطئ والتمول التدريجي، فالتنمية تحتاج إلى دفعة قوية (bighush) ليخرج المجتمع من حالة الركود. والتخلف الى حالة النمو والتقدم وعندها تنمو الظواهر أو الاشياء فإنها تتغير خلال عملية النمو الا أن التغير عن النمو ليس الاقدا ضئيلاً لا يعتد به اذا قورن بالتغير الناتج عن التنمية فإنه غالباً ما يكون تغيراً كبيراً يمكن القول بانه أقرب إلى التغير الكيفى فيه إلى التغير الكمي أى أنه يتسم بالعمق والجذرية والسرعة الفجائية والنمو عملية تلقائية تحدث غير تدخل الانسان اما التنمية كلفظ عربي فلا يشير إلى النمو التلقائي وانما يشير إلى النمو المتعمد (۱).
والتنمية الشاملة هي أهم وأخطر القضايا خاصة في أقاليم مصر التي عانت سنوات طويلة من الاهمال وتتطلع الآن ومع بشائر القرن الحادي والعشرين نحو تحقيق التنمية الشاملة على ارضها بما يحقق الأمن والأمان والرخاء الجموع المواطنين في القرى والمدن والنجوع البعيدة عن العاصمة وأضوائها ومراكز التأثير فيها (۲).
والتغير الحضاري المجتمع الفلاحين لن يتحقق الا اذا آمن الفلاحون بذلك وعملو له ولا يمكن أن يفرض عليهم ومن غير هذا ستظل خطوات التقدم والارتقاء بطيئة ثقيلة بينما العالم يسرع ويجتهد التحقيق حياة أرقى وافضل فالاساس الأول للتنمية هو استجابة ابناء القرية انفسهم و عزمهم بايمان صادق واجتهاد على رفع مستواهم الحضاري وتنمية مواردهم وقبول الافكار الجديدة التي تدعو إلى تطوير غمط الحياة (۳).
لقد كثرت الكتابات وتعددت في مجالات التنمية سواء الشاملة والاقتصادية على وجه التحديد ودار جدل بل وصحب كبير حول مضمونها وتحديد مفهومها على وجه الدقة ولذا لم يكن من المستغرب أن تظهر مصطلحات عديدة ترتبط بالمعنى أو تقترب منه أو تعبر عنه تعبيراً دقيقاً محدداً فطالعتنا المصطلحات التالية - النمو Growth التقدم Pragrers والتغريب رواقع الامران Development والتنمية Medrenzation والتحديث Westernization
المصطلح الخاص بالتنمية الاقتصادية Economic Development هو محور اهتمامنا ينصرف الى مجتمع يسعى لتحقيق أهداف مقدرة سلفاً (۱)
والمقصود بعملية التنمية هو تنمية الطاقات الفنية التكنولوجية والاقتصادية والادارية لبلد ما أو لقطر من الاقطار وذلك بتنظيم النشاط ليكون نشاطاً مهنياً منظماً ويجب على هذه الاقطار النامية أن تبدأ بنشاطها بالتخلص من حالة البلادة الذهنية مما يعتبر أمراً مستحياً ومطلباً اجتماعياً وثقافياً (۲).
ومما لاشك فيه أن كل دولة من دول العالم تسعى الى مضاعفة معدلات التنمية فيها ولا تختلف في هذا دولة كبيرة أو صغيرة متقدمة أو نامية ذلك انه كلما زاد النمو الاقتصادي والاجتماعي فيها كلما ارتفع مستوى معيشة ابنائها وكلما تبوأت مكانة أكبر بين دول العالم والتنمية الاجتماعية ترتبط بتطور البناء الاجتماعي في الدولة ويتغيره الى الاحسن بما يؤدى الى استخدام الاساليب التكنولوجية الحديثة المعقدة في كافة انشطتها (۳)
وفي عام ١٩٨٦، ٤ ديسمبر أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارها بإعلان ( الحق في التنمية تضمن الجوانب النظرية والمفاهيم التي يتعين الالتزام بها عند أعمال وتنفيذ هذا الحق وتضمن أيضاً التأكيد على ربط التنمية بالديمقراطية والمشاركة الشعبية وشمول التنمية لكافة الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ولا يكاد يخلو مجتمع محلى أو وطني أو اقليمي، أو دولي من الحديث يومياً في موضوع التنمية لكن الجميع ينظر اليها ويتعامل معها من رؤيته الخاصة، ويترتب على ذلك وضع مفاهيم مختلفة بل متباينة ايضا (٤) .
ليست هناك تعليقات: